الحمد لله وحده .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين
وعلى آله وصحبه أجمعين .. إلـى يوم الدين
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : ( خلق الله أربعة أشياء بيده : العرش ، والقلم ، وآدم ، وجنة عدن ، ثم قال لسائر الخلق : كن فكان )
تفسير ابن جابر -23/185) ، الدارمي في رد على المريسي (ص90) ، الأسماء والصفات للبيهقى (ص233)
أولاً : خلق آدم .
دليل ذلك قوله عز وجل : ( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ )
وقد جاء في الصحيحين وغيرهما كما في حديث محاجة آدم لموسى عليهما السلام قول موسى: "أنت آدم الذي خلقك الله بيده..." رواه مسلم
ثانياً : غرس جنة عدن بيده سبحانه .
دليله ما ورد عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ : غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي ، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا ، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ) رواه مسلم برقم (312) .
ثالثاً : كتب الألواح لموسى عليه السلام بيده .
دليله جاء في حديث محاجة آدم لموسى عليه السلام أن آدم قال لموسى : " أنت موسى اصطفاك الله بكلامه، وخط لك بيده..." . وفي رواية " كتب لك التوراة بيده...." أخرجه مسلم: كتاب القدر، باب: حجاج آدم وموسى عليهما السلام
رابعاً : القلم.
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء } رواه مسلم . .
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( خلق الله أربعة أشياء بيده : العرش ، والقلم ، وآدم ، وجنة عدن ، ثم قال لسائر الخلق : كن فكان )
رواه الطبري في "جامع البيان" (20/145) ، والدارمي في "نقضه على المريسي" (ص/261) ، وأبو الشيخ الأصفهاني في "العظمة" (2/579) ، والآجري في "الشريعة" (رقم/750) ، والحاكم في "المستدرك" (2/349) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (2/126) .
وهذا إسناد صحيح ، وثقه النسائي وابن معين ، انظر "تهذيب التهذيب" (7/68) .
لذلك قال الحاكم بعد إخراجه: " هذا حديث صحيح الإسناد " انتهى . ووافقه الذهبي .
فهذه أشياء كلها كانت بيد الله، أما غيرُها فيخلق بالكلمة (كن)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ثبوت ما أثبته الدليل من هذه الصفات لم يوجب حاجة الرب إليها ، فإن الله سبحانه قادر أن يخلق ما يخلقه بيديه وقادر أن يخلق ما يخلقه بغير يديه وقد وردت الأثارة من العلم بأنه خلق بعض الأشياء بيديه وخلق بعض الأشياء بغير يديه .... ،
المفهوم المتفق عليه من هذا التخصيص أنه لمزيد تكريم وتشريف وتعظيم ، لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى ، خص هذه الأربعة بأنه خلقها بيده ولم يجعل خلقها بكلمة كن كسائر المخلوقات ، فلا يجوز الخوض في تفصيل معاني هذا التخصيص ، وكيفيته ، بل يجب التسليم به ، مع تنزيه الله تعالى عن كل نقص وعيب وتشبيه .
هذا والله أعلم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته