يسعد مساكم والصباح
*****
أتت بعتادها وكامل جيشها .. لتغزوَ قلبي ..
فأيقنتُ بالنّصرِ لها
وأيقنتُ بهلاكي أو بأسري ..
قلتُ لها :
هذه مفاتيحُ القلب ..
افتحي قلبي بترويّ وهدوء
وكأنّي بالأبوابِ قد فُتحت
ورايةُ بيضاءَ قد رُفِعَت .. فادخُلي قلبي بإرادتي ..
لا .. لسفكِ الدّماء .. ولا للبطشِ والظّلم ..
فأبت إلا المواجهة ... وأبت إلا أن يصطكّ قلبٌ بقلب ..
يصطكّ قلبٌ بقلب ..
يصطكّ قلبٌ بقلب ..
فدوّت صافرةُ إنذار
جهزتُ على إثرِها جيشي .. وعتادي
استدعيتُ كُلّ من يستحق الاستدعاء .. واجتمعتُ بالمقاتلينَ القُدامى ..
ونظّمتُ أركان جيشي المُبَعثر .. فلم أدخل في حربٍ مع أحدٍ .. منذُ زمن ..
فجعلت في الميمنةِ إحساسي
وفي الميسرةِ حُبّي وأشواقي
وأنا مُمتطياً صهوةَ قلبي في المُقدّمة
لبستُ درعاً قد صنعتُهُ مُسبقاً .. وأعدتُهُ ليومٍ كهذا ..
وقفتُ وقفةً لم أقف مثلها من قبل
وقفتُ خطيباً في الجيشِ أصيح ..
إما النّصر والحُبّ .. وإمّا الموتُ والهلاك ..
هبّت عاصفةٌ هوجاء .. رائحةُ الحُبِّ تفوح .. يتخللها كُرْهٌ .. ودِماء
هدأ الإعصار .. هدوءٌ وترقُب ..
أخذتُ أجولُ بين الصّفوف ..أبُثُ روحَ الحماسِ في جيشي ..
وبينما أنا كذلك إذ لمحتُ جيشها من بعيد ..
جيشٌ عرمرم .. لا نهايةَ له ..
ذُهلتُ وصُعقت ..
صواريخٌ عابرةٌ للقلب ..
عرباتٌ ودبّابة .. دبّ في قلبيَ الرّعب
ورأيتُ سفينةٍ عملاقة .. تحُطُّ عليها طائرات .. !!
سألتُ أحدَ أفرادَ الجيش .. (متقاعد)
ما الذي أراه ؟ قال تلكم بارجة ..
قُلتُ هذا الذي لم أحسب حسابَهُ البارِحة ..!!
التفتُّ إلى جيشي ..
خيولٌ لها صهيل ..
فوقها أحاسيسٌ ومشاعر ..... كُلُّ إحساسٍ عن ألفِ مُقاتِل ..
ينتظرونَ إشارتي ..
ارتفعت معنوياتي .. وزال ذاكَ الرُّعب
أمرتُ الجيش بالتقدّم ..
فتقدمنا .. وهم يتقدمون ..
وتقدمنا .. وهم يتقدّمون ..
جيشُها أثقلتهُ بهجة الدنيا وزينَتِها ..
وجيشي خفيفٌ سريع .. يُجيدُ فُنّ المطاردةَ والمُباغتَة ..
التقى الجيشان ..
قُلتُ في نفسي .. فليكُن لي السبق والمُبادرة ..
ناديتُ فيهم .. هل من مُبارِز .. ؟؟
فإذا بها !! .. هي بجمالها وزهْوِها .. تتقدّم ..
فارتجلتُ عن قلبي ..
خشيتُ أن يرأفَ بها .. وكذا هي ارتجلت
التقينا وجهاً لوجه ..
لقاءً ذكرني بعهدٍ مضى .. كادَ أن يُسقِطَ السيفَ من يدي ..
باغتتني بقصيدةِ الهوى .. فهويتُ على الأرض ..
ورمتني بسهام العين .. فأصابتني في مقتل ..
نزعتُ سِهامها بيدي .. وبانت جراحي .. وتلطّخَ حُبّي بالدّم
ولا زلتُ صامِد ..
لي خبرةٌ بفنون الهوى .. وقتال العشق ..
في لمحةِ بَصر .. وهي في ذروة غرورها
أخذتُ سهماً من كِنانتي ..
رميتُها به ..
رميتُ ظنّاً سيئاً عشعشَ في عقلِها فأصبتُه .. فسقط ..
وأخذتُ سهماً آخراً ..
رميت بقايا الغرور ..
وأخذتُ سهماً ثالثاً ..
رميتُ بهِ كبرياءَ الأنوثة ..
فتهاوى الغرورُ والكبرياء ..
حينها وقفتُ أنا .. وسقطَت هي ..
فأخذتُ أبحثُ عن قلبِها الذي طالما عذّبتني به ..
فوجدتُه هنااااك .. بجوارٍ قلبي ..
يشكو لهُ فعلي بها ..
ويبوحُ لهُ بحُبٍّ عَجِزَت هي عن البوحِ بِه .. لغرورها!!
فأين الغرور .. والكبرياء ؟
عالجتُهُما بسهامي ..
هي لا زالت مُلقاةً هناك .. في وحلِ الهزيمة ..
وفي مرتع الندم .. وفي مستنقع الغرور ..
أين جيشها .. وعتادها .. ؟؟
أين أحاسيسها ومشاعرها ..
تلاشت .. كضبابٍ طلعت عليه الشمس ..
هبّ إعصارٌ وغُبار ..
تلاهُ سحابٌ وبرقٌ ورعد
رذاذ المطر يتقاطرُ من شعرِها ..
وهي تُصارع الحُزنَ والنَدم .. تُصارع اليأس والألم .. في ساحةِ معركةِ الحُبّ الفاشل ..
جاءَ قلبها المُمزّق يحبو ..
ضمّتهُ إليها .. لتلفُظَ أنفاس الحياة ..
فألقيتُ بنفسي المُنتَصِرَة .. المُنكَسِرَة .. أبكي وأبكي ..
أبكي لها ولأجلها .. ولحُبٍّ قد تمزّق
وأصنَعُ لنفسي المبررات ..
هي أجبرتني .. هي أرهقتني ..
فتحتُ لها قلبي .. أبت إلا أن تدخُل عنوةً وقهراً
قد رفعتُ لها راية السلام .. فأبت إلا أن تدخُلَ بتمزيقِ اللثام ..
لا أُحبُّ حُبّاً كهذا ..
لا أُحبُّ أن يُقتَحمَ قلبيَ من حيثُ لا أدري .. ورُغماً عنّي ..
ولا زلتُ أبكي وأبكي .. رغم النّصر ..
حينها أيقنت ،،
أنّ النصر الحقيقي .. بقاء المُتحابين .. يداً بيد ..
وبقاء المُتحابين .. قلباً بقلب ..
وبقاء المُتحابين ..روحٌ وجَسد ..